مصادرة الاراضي الفلسطينية وتجريفها‬‎
احمد .. 9 سنوات , وطفولة عَمدها الحصار

السبت، 24 أكتوبر 2009

جرائم إسرائيل بين القاضي غولدستون والدولة اللبنانية

المحامي ألبير فرحات

التقرير الذي أصدره القاضي غولدستون الذي ترأس لجنة تقصي الحقائق في حرب غزة الأخيرة للتثبت من وجود خروقات للقانون الدولي الإنساني ولحقوق الإنسان أثار ضجة لم تهدأ بعد مع تعالي الضجيج من جانب إسرائيل والولايات المتحدة. ذلك أن خوفهما من مضاعفات تقرير غولدستون هو مبرر تماماً.

فلأول مرة يصدر عن هيئة رسمية دولية ما يكشف عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبتها إسرائيل وما يُظهر جيشها على حقيقته قاتلا للأطفال بدم بارد، موجهاً قنابله الفوسفورية إلى مدارس الأونروا، أي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين وغيرها من الجرائم التي لا يمكن مقارنتها إلا بجرائم النازية.

ولقد ظهر مدى الحرج الذي أصيبت به الدولة الصهيونية من خلال طلبها الوقح وغير المسبوق بتعديل إتفاقيات جنيف الخاصة بحماية المدنيين في زمن الحرب! وكأنها تريد إضفاء الشرعية على جرائمها بحق المدنيين بعد ثبوت إقدامها عليها.

على أن كل ذلك شيئ وموقف الحكومات اللبنانية المتعاقبة من ملاحقة إسرائيل بسبب الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها في لبنان هو شيئ آخر تماماً!

فإن هذه الحكومات اللبنانية لم تحرك ساكناً من أجل ملاحقة إسرائيل ومحاكمتها بالرغم من أن مجلس الوزراء قد قرر أثناء عدوان تموز تخصيص مبلغ يزيد على ثلاثة ملايين دولار من أجل إقامة دعاوى وتكليف مكاتب محامين دوليين ولكنه لم يفعل شيئاً! وذهبت الملايين أدراج الرياح! فقد باشر وزير العدل الأستاذ بهيج طبارة العمل لملاحقة إسرائيل إلا أن كل شيئ قد توقف بقدرة قادر!!

بل أكثر من ذلك فإن السفارات اللبنانية في الخارج لم تقدم أي عون للبنانيين الذين يحملون جنسيتين وقدموا دعاوى بحق إسرائيل أمام محاكم تلك البلدان التي يحملون جنسيتها!

بل إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد تمنى منذ بضعة أشهر على إسرائيل تعويض لبنان على الأضرار البيئية التي لحقت به من جراء قصف محطة الجية أثناء حرب تموز إلا أن الحكومة اللبنانية لم تسمع ولم تهتم!

بل وأكثر وأكثر فإن عدداً من الحقوقيين الديمقراطيين في فرنسا وبلجيكا وأميركا اللاتينية قد تقدموا بشكاوى أمام المحكمة الجنائية الدولية بحق إسرائيل بسبب جرائمها في لبنان ولم توجه لهم حكومتنا حتى كلمة شكر!

إن موقف الحكومات اللبنانية هذا ليس صدفة، يجب القول أن لدينا أكثر من محمود عباس واحد لا يريدون إزعاج العدو وحليفته الولايات المتحدة ولو على حساب دماء اللبنانيين. وإلا كيف يمكن تفسير أن لبنان هو، إلى جانب إسرائيل والولايات المتحدة، من الدول القليلة في العالم التي لم تنضم إلى المعاهدة الدولية التي أنشئت بموجبها المحكمة الجزائية الدولية بحيث لا نستطيع أن نتقدم بشكاوى أمامها!؟؟

هل تصل مسايرة أميركا وإسرائيل إلى هذا الحد؟
وماذا سيكون عليه موقف لبنان بعد انتخابه عضواً في مجلس الأمن؟

لقد اعتبر الرئيس ميشال سليمان في الكلمة التي ألقاها في مناسبة اففتاح السنة القضائية ان ذلك الإنتخاب سيجعل لبنان رأس حربة لحماية مصالحه ومصالح الأمة العربية والتصدي للإحتلال الإسرائيلي ودفاعاً عن الشعب الفلسطيني!

إننا نأمل من فخامة الرئيس وهو المعروف بمبادراته الوطنية وصدقيته أن يقرن القول بالفعل، وأن يطرد من الهيكل التجار والمرابين وأعوان إسرائيل المستترين والمفضوحين معاً، وأن يعمل على ملاحقتها ومحاكمتها على جرائمها!


*تعليق اليوم أُذيع على إذاعة صوت الشعب بتاريخ اليوم 24 تشرين الأول 2009

ليست هناك تعليقات: